منذ 2003.. محطات الجيش الأمريكي في العراق
يبدو أن 2021 بات عام الانسحاب للقوات الأمريكية بدأ في أغسطس من أفغانستان وامتد لليوم الخميس بإعلان انتهاء المهام القتالية بالعراق.
فمنذ الغزو الأمريكي للعراق قبل 18 عاما، وعلاقات البلدين تشهد محطات رئيسية خاصة بعد الانسحاب في 2011 ثم العودة بعد 3 سنوات لمكافحة داعش.
ففي 20 مارس/أذار 2003، بدأ التدخل العسكري الذي شنه الأمريكيون والبريطانيون على أساس اتهامات لم تثبت قط بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل.
وكان الأمريكيون في 9 أبريل/نيسان في بغداد؛ حيث أطاحت دبابة أمريكية بمشاركة عراقيين بتمثال صدام حسين الرئيس الذي فر ثم عثر عليه وأعدم بعد ذلك بثلاث سنوات.
ثم في الأول من مايو/أيار، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أن “الجزء الأكبر من العمليات العسكرية قد انتهى”.
وبنهاية أبريل/نيسان 2004، أثارت صور سجناء عراقيين تعرضوا لسوء المعاملة والإذلال على أيدي جنود أمريكيين في سجن أبو غريب فضيحة مدوية.
نُقلت السلطة إلى الحكومة المؤقتة في يونيو/حزيران من العام نفسه، وحُلت سلطة التحالف المؤقتة التي أنشأها الأمريكيون.
الحرب الطائفية
لكن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، هاجم أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي وألفي جندي عراقي مدينة الفلوجة، معقل المسلحين السنة المعادين للتدخل الأمريكي.
وفي كانون الثاني/يناير 2005، حصل الشيعة على أغلبية مطلقة في البرلمان متقدمين على الأكراد، في أول اقتراع متعدد الأحزاب منذ أكثر من 50 عاماً، قاطعه السنة.
اعتُمد الدستور الذي أرسى الفيدرالية عن طريق استفتاء في أكتوبر/تشرين الأول.
ثم في 22 فبراير/ شباط 2006، أدى تفجير ضريح شيعي شمال بغداد إلى اندلاع أعمال عنف طائفية قُتل خلالها عشرات الآلاف خلال عامين.
ومطلع العام 2007، قرر الرئيس بوش إرسال حوالي 30 ألف رجل إضافي (بالإجمال 165 ألف جندي) لتجنب “انهيار” البلاد.
رحيل الأمريكيين
عقب ذلك بعامين، وتحديدا في فبراير/شباط 2009، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما المعارض للحرب في العراق أنه سيسحب الجزء الأكبر من قواته بحلول أغسطس/ آب 2010.
غادر آخر الجنود الأميركيين العراق في كانون الأول/ديسمبر 2011 تاركين البلاد في أزمة سياسية خطيرة.
ومنذ عام 2003 إلى عام 2011، قُتل أكثر من 100 ألف مدني، وفقًا لمنظمة “ضحايا حرب العراق”. وتكبدت الولايات المتحدة مقتل نحو 4500 جندي.
لكن في يناير/كانون الثاني 2014، سيطر تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام على الفلوجة. وفي بداية يونيو/ حزيران، استولى التنظيم المتطرف على الموصل وتوسع ليسيطر على ما يقرب من ثلث مساحة العراق.
في 8 أغسطس/آب 2014 ، تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر لأول مرة منذ انسحاب قواتها، عبر قصف مواقع داعش.
وبمساعدة تحالف دولي بقيادة واشنطن، شنت القوات العراقية هجوما مضادا؛ حيث تم الإعلان عن النصر على التنظيم الإرهابي في نهاية عام 2017.
خريطة عراقية ممزقة
دعمت إيران القوات العراقية شبه العسكرية المنضوية في إطار الحشد الشعبي والتي اضطلعت بدور حاسم في دحر تنظيم الدولة الإسلامية. ومن خلال هذا الدعم عززت إيران نفوذها وصارت الحليفة الرئيسية لجارها وشريكته التجارية الرئيسية.
في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، هاجم آلاف العراقيين من أنصار الفصائل شبه العسكرية الموالية لإيران السفارة الأمريكية في بغداد احتجاجا على قصف أمريكي لأحد فصائل الحشد الشعبي أوقع قتلى.
جاء هذا القصف ردا على إطلاق عشرات الصواريخ على منشآت يقطنها أميركيون.
وبعد ذلك بأيام وفي 3 يناير/كانون الأول 2020، قُتل قائد مليشيات الحرس الثوري قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي في غارة أمريكية قرب مطار بغداد.
وردت إيران بعد أيام قليلة بإطلاق صواريخ على قاعدتين يتمركز فيهما جنود أمريكيون في العراق.
وقد طلب مجلس النواب العراقي من الحكومة “إنهاء وجود القوات الأجنبية” في العراق حيث يتمركز 5000 جندي أمريكي.
وفي 9 أبريل/نيسان، كُلف بتشكيل الحكومة رئيس المخابرات مصطفى الكاظمي الذي تربطه علاقات بواشنطن كما بطهران.
وتولى الكاظمي مهام منصب رئيس الوزراء في بداية مايو/ أيار محل عادل عبدالمهدي الذي أطاحت به انتفاضة شعبية غير مسبوقة انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول وسقط فيها مئات القتلى.
نهاية المهمة القتالية
وفي 20 أغسطس/آب، التقى رئيس الوزراء العراقي الجديد دونالد ترامب لأول مرة في البيت الأبيض. وعلى جدول الأعمال خصوصا، مستقبل القوات الأمريكية المنتشرة في العراق والتي أكد الرئيس الأمريكي السابق على انسحابها.
وبعد ذلك و17 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة كريستوفر ميلر أن الولايات المتحدة ستسحب 500 من قواتها في العراق، ليبقى فقط 2500.
في 26 يوليو/ تموز 2021، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي اعتباراً من نهاية العام 2021 “مهمتها القتالية” وتبدأ “مرحلة جديدة” من التعاون العسكري.
حقق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أكبر عدد مقاعد في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
في حين خسر تحالف الفتح الممثل لقوى الحشد الشعبي الموالي لإيران، عدداً كبيراً من مقاعده، ليخرج بمزاعم عن “تزوير الانتخابات”.
وعقب ذلك وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني، نجا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي من “محاولة اغتيال فاشلة”. ونددت بها واشنطن باعتبارها “عملاً إرهابياً موصوفاً”.
واليوم الخميس التاسع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي عن “انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف” الدولي في العراق.